فصل: باب العتق في المرض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الوصية بثلث المال

في بعض النسخ بثلث ماله ‏(‏قوله ولم تجز‏)‏ أي لم تجز الورثة الوصيتين فإن أجازت فظاهر ‏(‏قوله فالثلث بينهما أثلاثا‏)‏ أي يقتسمانه على قدر حقهما لصاحب السدس سهم، ولصاحب الثلث سهمان، لأن كلا منهما يستحق بسبب صحيح‏.‏ والحاصل‏:‏ أن كل واحدة من الوصايا إذا لم تزد على الثلث كثلث لواحد وسدس لآخر وربع لآخر ولم تجز الورثة يضرب في الثلث، ولا يقسم الثلث سوية بينهم اتفاقا ما لم يستويا في سبب الاستحقاق كما في مسألة المتن الأولى، وتمام ذلك في التتارخانية ‏(‏قوله ولم تجز الورثة ذلك‏)‏ فإن أجازوا فعندها يقسم الكل أرباعا ولا نص فيه عنه فقال أبو يوسف قياس قوله‏:‏ أن يسدس بطريق المنازعة لأن الثلثين لصاحب الكل، فكان نزاعهما في الثلث فنصف النصف الذي هو السدس لصاحب الثلث، والباقي للآخر، وقال الحسن‏:‏ إن هذا تخريج قبيح لاستواء سهم صاحب الثلث في حال الإجازة وعدمها، وهو السدس فالصحيح أن يربع بطريق المنازعة بأن يقسم الثلث أولا وهو أربعة من اثني عشر بينهما نصفين، لأن إجازتهم غير مؤثرة في قدر الثلث، وبقي الثلثان ثمانية أسهم يدعيهما صاحب الكل وسهمين منها صاحب الثلث ليتم له الثلث، فتسليم الستة لصاحب الكل ويتنازعان في السهمين بنصفين، فتحمل ثلاثة أسهم لصاحب الثلث، والباقي للآخر كما في الحقائق وغيره قهستاني‏.‏ قلت‏:‏ وعلى قولهما يلزم استواء حالتي الإجازة وعدمها ‏(‏قوله لأن الوصية بأكثر من الثلث إلخ‏)‏ أشار إلى أن قوله بجميع ماله غير قيد وأن المراد ما زاد على الثلث، ولذا عبر في الملتقى بقوله ولو لأحدهما بثلثه وللآخر بثلثيه أو بنصفه أو بكله ينصف الثلث بينهما عنده وعندهما يثلث في الأول ويخمس خمسين وثلاثة أخماس في الثاني ويربع في الثالث ا هـ‏.‏ فالحكم عنده وهو التنصيف متحد في جميع صور الزائد على الثلث كلا أو غيره، والأصل الذي بنيت عليه هذه المسائل هو قول المصنف ولا يضرب إلخ ‏(‏قوله‏:‏ إذا لم تجز‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏قوله‏:‏ تقع باطلة‏)‏ ليس المراد بطلانها من أصلها وإلا لما استحق شيئا وإنما المراد بطلان الزائد بيان ذلك أن الموصي قصد شيئين الاستحقاق على الورثة فيما زاد على الثلث وتفضيل بعض أهل الوصايا على بعض‏.‏ والثاني يثبت في ضمن الأول، ولما بطل الأول لحق الورثة وعدم إجازتهم بطل ما في ضمنه وهو التفضيل، فصار كأنه أوصى لكل منهما بالثلث فينصف الثلث بينهما كما لو أوصى لكل منهما به حقيقة ا هـ‏.‏ من العناية موضحا ‏(‏قوله‏:‏ وقالا أرباعا‏)‏ أي يقسم الثلث بينهما أرباعا ‏(‏قوله‏:‏ لأن الباطل ما زاد على الثلث‏)‏ يعني أن الباطل هو أحد الشيئين اللذين قصدهما الموصي، وهو استحقاق الزائد على الثلث فإنه بطل لحق الورثة، وأما الشيء الآخر وهو قصد الموصي تفضيل أحدهما على الآخر فلا مانع منه فقد جعل لصاحب الكل ثلاثة أمثال ما جعله لصاحب الثلث فيأخذ من ثلث المال بحصة ذلك الزائد بأن يقسم أرباعا ثلاثة منها لصاحب الكل وواحد للآخر ‏(‏قوله‏:‏ فاضرب الكل في الثلثين‏)‏ صوابه في الثلث كما في بعض النسخ أي اضرب كل حظ في ثلث المال بأن تضرب ثلاثة أسهم حظ صاحب الكل في الثلث وسهما واحدا حظا لآخر الثلث يحصل أربعة أسهم، تجعل ثلث المال، يعطى للأول ثلاثة أرباع الثلث، وللثاني ربعه وسيتضح ثم الصحيح قول الإمام كما في تصحيح العلامة قاسم والدر المنتقى عن المضمرات وغيره ‏(‏قوله‏:‏ المراد بالضرب المصطلح بين الحساب‏)‏ وهو تحصيل عدد نسبته إلى أحد المضروبين كنسبة الآخر إلى الواحد، وقوله‏:‏ لا يضرب بالبناء للمعلوم مسندا مجازا إلى الموصى له والباء صلة الموصى له، وصلة يضرب مع مفعوله محذوف، تقديره‏:‏ لا يضرب الموصى له بأكثر من الثلث عددا في عدد، فلا يضرب ثلاثة أرباع في الثلث في هذه الصورة وتمامه في القهستاني‏.‏ وأقول‏:‏ ضرب الكسور في مصطلح الحساب على معنى خذ، فإذا قيل اضرب ربعا في ثلث فمعناه خذ ربع الثلث وهو واحد ومن اثني عشر فالمعنى هنا‏:‏ لا يضرب الموصى له بأكثر من الثلث أي لا يؤخذ له من الثلث بحكم الوصية له بأكثر من الثلث لما مر من بطلان التفصيل، فلا تجعل سهام الوصية أربعة كما جعلها الإمامان، وإنما يؤخذ له من الثلث بحكم الوصية للثلث فقط بأن يجعل كأنه أوصى لكل بالثلث، فيقسم الثلث بينهما نصفين، وعلى هذا فالباء صلة يضرب ولا حذف فتدبر‏.‏ ثم رأيت في غرر الأفكار التصريح بما ذكرته من معنى الضرب ويوافقه ما يأتي ‏(‏قوله فعنده سهام الوصية اثنان‏)‏ فلكل واحد النصف وهو سهم واحد ‏(‏قوله فاضرب نصف كل‏)‏ أي اضرب نصيب كل منهما وهو النصف في الثلث يكن سدسا، لأنه الحاصل من ضرب نصف في ثلث على معنى الأخذ كما قدمناه ‏(‏قوله وعندهما أربعة‏)‏ بناء على أنه يضرب له عندهما بحكم الزائد، فتجعل سهام الوصية أربعة كما قررناه سابقا لأحدهما الربع، وللآخر ثلاثة أرباع، قال صدر الشريعة وابن الكمال‏:‏ فيضرب الربع في ثلث المال والربع في الثلث يكون ربع الثلث ثم لصاحب الكل ثلاثة من الأربعة وهي ثلاثة أرباع، فيضرب ثلاثة الأرباع في الثلث بمعنى ثلاثة أرباع الثلث هذا معنى الضرب وقد تحير فيه كثير من العلماء ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

على هذا الخلاف لو أوصى لرجل بعبد قيمته مثل ثلث ماله ولآخر بعبد قيمته مثل نصف ماله مثلا، وتمامه في التتارخانية من الخامس، ولو أوصى لرجل بسيف قيمته مثل سدس ماله، ولآخر بسدس ماله، وماله سوى السيف‏:‏ خمسمائة، فللثاني سدسها، وللأول خمسة أسداس السيف وسدس السيف بينهما لأن منازعتهما في سدس السيف فقط فينتصف بينهما وهذا عند الإمام وتمام الكلام في المجمع وشروحه ‏(‏قوله إلا في ثلاث مسائل‏)‏ استثناء من قوله ولا يضرب إلخ ‏(‏قوله‏:‏ المحاباة‏)‏ من الحباء أي العطاء، مغرب، وفسرها القهستاني بالنقصان عن قيمة المثل في الوصية بالبيع والزيادة على قيمته في الشراء‏.‏ وصورتها‏:‏ أن يكون لرجل عبدان قيمة أحدهما ثلاثون، والآخر ستون فأوصى بأن يباع الأول من زيد بعشرة، والآخر من عمرو بعشرين ولا مال له سواهما فالوصية في حق زيد بعشرين، وفي حق عمرو بأربعين فيقسم الثلث بينهما أثلاثا فيباع الأول من زيد بعشرين والعشرة وصية له ويباع الثاني من عمرو بأربعين والعشرون وصية له وإن كانت زائدة على الثلث ابن كمال ‏(‏قوله‏:‏ والسعاية‏)‏ صورتها أعتق عبدين قيمتهما ما ذكر ولا مال له سواهما، فالوصية للأول بثلث المال وللثاني بثلث المال فسهام الوصية بينهما أثلاث واحد للأول واثنان للثاني، فيقسم الثلث بينهما كذلك فيعتق من الأول ثلثه، وهو عشرة ويسعى في عشرين، ويعتق من الثاني ثلثه وهو عشرون، ويسعى في أربعين فيضرب كل بقدر وصيته وإن كان زائدا على الثلث ابن كمال ‏(‏قوله والدراهم المرسلة‏)‏ صورتها أوصى لزيد بثلاثين درهما ولآخر بستين درهما وماله تسعون يضرب كل بقدر وصيته فيضرب الأول الثلث في ثلث المال والثاني الثلثين في ثلث المال وإنما فرق أبو حنيفة بين هذه الصور وبين غيرها لأن الوصية إذا كانت مقدرة بما زاد على الثلث صريحا كالنصف والثلثين، وغيرهما والشرع أبطل الوصية في الزائد يكون ذكره لغوا فلا تعتبر في حق الضرب، بخلاف ما إذا لم تكن مقدرة بأنه أي شيء من المال كما في الصور المذكورة فإنه ليس في العبارة ما يكون مبطلا للوصية، كما إذا أوصى بخمسين درهما، واتفق أن ماله مائة درهم فإن الوصية لا تكون باطلة بالكلية، لإمكان أن يظهر له مال فوق المائة وإذا لم تكن باطلة بالكلية تكون معتبرة في حق الضرب وهذا فرق دقيق أنيق ابن كمال ‏(‏قوله ومن صور ذلك إلخ‏)‏ أفاد به أنه لا يشترط أن تكون محاباة أو سعاية أو عتقا من جهتي الموصى لهما، بل يكفي وجود ذلك من طرف، ويكون بقدر ثلثي المال والموصى للطرف الآخر بثلث المال فليتأمل ط‏.‏ أقول‏:‏ لكن هذا التصوير مشكل لما صرحوا به من أن العتق المنفذ في المرض والمحاباة المنجزة فيه مقدمان على سائر الوصايا كما مر ويأتي في الباب الآتي ‏(‏قوله‏:‏ أو يحابيه‏)‏ أي في مرض الموت ح وقوله بألف درهم متعلق بيحابيه ‏(‏قوله‏:‏ وهي ثلث ماله‏)‏ أي الألف درهم في المسائل الثلاث ح، وذلك بأن يكون ماله ألفا وخمسمائة فأوصى بألف منها لفلان، أو يكون له ثوب مثلا قيمته ذلك، فأوصى بأن يحابي بألف وذلك بأن يباع بخمسمائة ومسألة العتق ظاهرة ‏(‏قوله‏:‏ ولآخر بثلث ماله‏)‏ متعلق بالمسائل الثلاث ح ‏(‏قوله‏:‏ فالثلث بينهما أثلاثا إجماعا‏)‏ تقريره ظاهر مما قدمناه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبنصيب ابنه لا‏)‏ أي لأن نصيبه ثبت بنص القرآن، فإذا أوصى به لرجل آخر فقد أراد تغيير ما فرض الله تعالى، فلا يصح منح، ولا يلتفت إلى إجازة الورثة، لأن الوصية لم تقع في ملكه وإنما أضافها إلى ملك غيره، فصار كمن أوصى لرجل بملك زيد ثم مات فأجازه زيد فإن ذلك لا يجوز كذا هنا ا هـ‏.‏ مكي عن السراج ط ‏(‏قوله‏:‏ وصار‏)‏ أي قوله بمثل نصيب ابنه ح أو قوله بنصيب ابنه حيث لم يكن له ابن ‏(‏قوله‏:‏ ونقل المصنف إلخ‏)‏ حيث قال، ولو أوصى بمثل نصيب ابن لو كان أعطى ثلث المال، لأنه أوصى له بمثل نصيب ابن معدوم، فلا بد من أن يقدر نصيب ذلك الابن بسهم، ومثله سهم أيضا، فقد أوصى له بسهم من ثلاثة في الحاصل، بخلاف الأولى فإنه هناك أوصى بنصيب ابن لو كان، ولم يقل بمثل نصيب ابن لو كان كذا في السراج الوهاج ا هـ‏.‏ ومثله في الجوهرة، وكذا في غاية البيان عن شرح الطحاوي‏.‏ وأما ما في المجتبى فلم يعزه إلى أحد وهو وإن كان وجهه ظاهرا إذ لا يظهر فرق بينه وبين ما إذا أوصى بمثل نصيب ابن موجود لكنه لا يعارض ما هنا ما لم يؤيد بنقل لأن المجتبى للزاهدي وقد قالوا لا يلتفت إلى ما قاله الزاهدي مخالفا للقواعد ما لم يؤيد بنقل تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وله في الصورة الأولى‏)‏ أي من صورتي المتن ثلث إن أوصى مع ابنين، والقياس أن يكون له النصف عند إجازة الورثة لأنه أوصى بمثل نصيب ابنه، ونصيب كل واحد منهما النصف وجه الأول أنه قصد أن يجعله مثل ابنه لا أن يزيد نصيبه على نصيب ابنه، وذلك بأن يجعل الموصى له كأحدهم زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ إن أجاز‏)‏ أي أجاز الزيادة وإلا فالثلث فقط ‏(‏قوله ومثلهم البنات‏)‏ أي إن أوصى بمثل نصيب بنته وله بنت واحدة فله النصف إن أجازت وإلا فالثلث، ومع البنتين له الثلث كما في المنح ولو كان مع ثلاث بنات هل له الثلث أيضا باعتبار أن فرض البنتين الثلثان أو الربع‏؟‏ والظاهر الثاني، وإلا لم يكن له مثل نصيب بنت ا هـ‏.‏ ح ويؤيده ما ذكره الشارح عن المجتبى من الأصل ط‏.‏ ‏(‏قوله يزاد مثله إلخ‏)‏ حتى لو كان له ابن وبنت وأوصى بمثل نصيب البنت فله الربع ولو كان لها زوج وثلاث أخوات متفرقات، وأوصت بمثل نصيب الأخت لأم فله العشر مجتبى قال في الهندية‏:‏ والوجه في ذلك أن تبين الفريضة أولا، ثم يزاد مثل نصيب من ذكره على مخرج الفريضة، فلو ترك أما وابنا وأوصى بمثل نصيب بنت، فالوصية من سبعة عشر سهما للموصى له خمسة، وللابن عشرة وللأم سهمان، لأن أصلها من ستة للابن خمسة فللبنت اثنان ونصف، فيزاد على أصل الفريضة ويضعف للكسر فبلغت سبعة عشر للموصى له خمسة بقي اثنا عشر يعطى للأم سدسها اثنان، والباقي للابن ا هـ‏.‏ أي لأن الإرث بعد الوصية، وفيها أيضا لو له بنت وأخت عصبية، وأوصى لرجل بمثل نصيب البنت فله ثلث المال أجازتا أو لا ا هـ‏.‏ وهذه فائدة معتبرة بنى عليها السائحاني في فتاواه النعمية عدة صور سئل عن بعضها فلتحفظ ‏(‏قوله‏:‏ وبجزء إلخ‏)‏ مثله الحظ والشقص والنصيب والبعض جوهرة ‏(‏قوله‏:‏ فالبيان إلى الورثة إلخ‏)‏ لأنه مجهول يتناول القليل والكثير والوصية لا تمنع بالجهالة والورثة قائمون مقام الموصي، فكان إليهم بيانه زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ عرفنا‏)‏ أي عرف العجم در منتقى ‏(‏قوله‏:‏ وأما أصل الرواية فبخلافه‏)‏ وهي أن السهم السدس في راوية الجامع الصغير فإنه قال فيه له أخس سهام الورثة إلا أن ينقص من السدس فيتمم له السدس، ولا يزاد له فكان حاصله أن له السدس، وعلى رواية كتاب الوصايا أخس سهام الورثة، ما لم يزد على السدس وقالا له الأخس إلا أن يزيد على الثلث فيكون له الثلث ا هـ‏.‏ اختيار فالسدس على الرواية الأولى لمنع النقصان، ولا يمنع الزيادة وعلى الثانية بالعكس وذكر في الهداية ما يمنع الزيادة والنقصان زيلعي‏:‏ فأما أن صاحب الهداية اطلع على رواية غيرهما أو جمع بينهما عناية وتمام ذلك في المطولات تنبيه‏]‏ هذا كله إذا كان له ورثة ففي الاختيار والجوهرة‏:‏ لو أوصى لرجل بسهم من ماله، ولا وارث له فله النصف لأن بيت المال بمنزلة ابن فصار كأن له ابنان ولا مانع من الزيادة على الثلث فصح ا هـ‏.‏ وانظر على القول بالتسوية بين الجزء والسهم، هل يعطى النصف أيضا أم يقال لوكيل بيت المال أعطه ما شئت، وحرره نقلا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا اندفع سؤال صدر الشريعة‏)‏ حاصل‏:‏ سؤاله أن قول الموصي ثلث مالي له لا يصلح إخبارا لأنه كذب فتعين الإنشاء، فينبغي أن يكون له النصف، وتقرير الدفع سلمنا أن قوله ذلك إنشاء إلا أنه بعد قوله سدس مالي له محتمل، لأن يكون أراد به زيادة سدس أو أراد ثلثا آخر غير السدس، فيحمل على المتيقن ‏(‏قوله‏:‏ وإشكال ابن الكمال‏)‏ حيث قال في هامش شرحه بعد تقريره جواب السؤال المار بما ذكرناه‏.‏ بقي ههنا شيء‏:‏ وهو أنه لا يخلو من أن يكون الثلث الذي أجازه الورثة ثلثا زائدا على السدس الذي أجازوه أو لا يكون ثلثا زائدا عليه إذ لا وجه لإجازتهم بلا تعيين المراد، إذ مرجعه إلى إجازة اللفظ، ولا معنى له والثاني يأباه قوله‏:‏ وأجازوا لأنه مستغنى عن إجازتهم، وعلى الأول لا يصح الجواب المذكور، ولعله لذلك أسقط صاحب الكنز القيد المذكور ا هـ‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه يتعين المعنى الثاني وهو أن تكون الإجازة لثلث غير زائد على السدس‏:‏ أي لثلث داخل فيه السدس لأنه المتيقن، وبه يتم الجواب عن سؤال صدر الشريعة، لكن يبقى قوله‏:‏ وأجازوا زائدا لا فائدة فيه إذ الثلث لازم مطلقا، ولهذا أسقطه في الكنز‏.‏ والجواب ما أشار إليه الشارح بقوله‏:‏ وإن أجازت الورثة أي إنه غير قيد احترازي بل ذكروه لئلا يتوهم أن له النصف عند الإجازة وليفهم أن له الثلث عند عدمها بالأولى فافهم، ولله در هذا الشارح على هذه الرموز التي هي جواهر الكنوز، لكن بقي هنا إشكال ذكره في الشرنبلالية ونقل نحوه وعن قاضي زاده، وهو أن صاحب الحق وهو الوارث رضي بما يحتمله كلام الموصي من اجتماع الثلث مع السدس وامتناع ما كان غير متيقن لحق الوارث، فبعد أن رضي كيف يتكلف للمنع ا هـ‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه يتعين المعنى الأول وهو أن إجازتهم للزائد لأنه المحتاج إليها‏.‏ وأقول‏:‏ جوابه أنه لما احتمل كلام الموصي حملناه على المتيقن الذي يملكه وهو الوصية بالثلث كما مر، والوصية إيجاب تمليك، فكان إيجاب الثلث متيقنا، وإيجاب الزائد مشكوكا فيه، وإجازة الوارث لا تعمل إلا فيما أوجبه الموصي، ولم نتيقن بإيجاب الموصي فيما زاد على الثلث حتى تعمل الإجازة عملها فلغت، لأن الإجازة ليست ابتداء تمليك، وإنما هي تنفيذ لعقد الموصي المتوقف عليها ولهذا يثبت الملك للمجاز له من قبل الموصي، لا من قبل المجيز كما سيجيء آخر الباب هذا ما ظهر لفهمي السقيم من فيض الفتاح العليم ‏(‏قوله‏:‏ مكررا‏)‏ بأن قال له سدس مالي، له سدس مالي في مجلس أو مجلسين كما في الهداية ‏(‏قوله لأن المعرفة‏)‏ وهي سدس فإنه ذكر معرفا بالإضافة إلى المال قد أعيدت معرفة‏:‏ أي فكانت عين الأولى وهذا على ما هو الأصل فلا يرد أنها قد تكون غيرا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب‏}‏ أي التوراة لأنه خلاف الأصل لقرينة والمسألة أوضحناها في حواشينا على شرح المنار ‏(‏قوله‏:‏ أو عبيده‏)‏ ولا تكون إلا متفاوتة فلذا فصل في الثياب فقط أفاده في الشرنبلالية‏.‏ ‏(‏قوله إن هلك ثلثاه إلخ‏)‏ أي ثلثا الدراهم أو الغنم بأن كانت ثلاثة مثلا فهلك منها اثنان وبقي واحد فله ذلك الباقي بتمامه وقال زفر له ثلث ما بقي هنا أيضا، لأن المال مشترك والهالك منه يهلك على الشركة، ويبقى الباقي كذلك، ووجه قول الإمام وصاحبيه إنه في الجنس الواحد يجمع حق الموصى له في الباقي تقديما للوصية على الميراث، ولأنه لو لم يهلك شيء فللقاضي أن يجعل هذا الباقي له، بخلاف الثياب المختلفة ونحوها فإنها لا تقسم جبرا وتمام ذلك في المطولات قال في غاية البيان‏:‏ وبقول زفر نأخذ وهو القياس ا هـ‏.‏ وأقره في السعدية تأمل ‏(‏قوله إن خرج إلخ‏)‏ هذا الشرط مصرح به في عامة الشروح حتى في الهداية ‏(‏قوله‏:‏ وبألف إلخ‏)‏ لا يقال ينبغي أن لا يستحق من الدين شيئا لأن الألف مال والدين ليس بمال فإن من حلف لا مال له وله دين لا يحنث لأنا نقول الدين يسمى مالا بعد خروجه، وثبوت حق الموصى له بعد الخروج ممكن كالموصى له بالثلث لا حق له في القصاص، وإذا انقلب مالا يثبت فيه حقه لأنه مال الميت، ومسألة اليمين على العرف، معراج ملخصا‏.‏ وبه ظهر أنه لو أوصى بثلث ماله يدخل الدين أيضا وهو أحد قولين ورجحه في الوهبانية وتوقف فيه صاحب البحر في متفرقات القضاء فراجعه ‏(‏قوله‏:‏ من جنس الألف‏)‏ كذا في الدرر، والظاهر أن فائدته مناسبة قوله‏:‏ وكلما خرج شيء من الدين دفع إليه إذ لو كان دنانير لا تدفع إليه تأمل، وقدم في المنح عن السراج إذا أوصى بدراهم مرسلة ثم مات تعطى للموصى له لو حاضرة وإلا تباع الشركة ويعطى منها تلك الدراهم ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وعين‏)‏ قال أبو يوسف‏:‏ العين الدراهم والدنانير دون التبر والحلي والعروض والثياب، والدين كل شيء يكون واجبا في الذمة من ذهب أو فضة أو حنطة ونحو ذلك وتمامه في الطوري ‏(‏قوله‏:‏ فإن خرج الألف إلخ‏)‏ قال في العناية بأن كان له ثلاثة آلاف درهم نقدا فيدفع إليه الألف، وإن لم يخرج بأن كان النقد أيضا ألفا دفع منه إليه ثلثه ‏(‏قوله‏:‏ وإلا يخرج فثلث العين إلخ‏)‏ أي ولا يدفع له الألف من العين، لأن التركة مشتركة بينه وبين الورثة والعين خير من الدين، فلو اختص به أحدهما تضرر الآخر اختيار أي لاحتمال هلاك الدين عند المديون‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزيد كله‏)‏ وعن أبي يوسف إذا لم يعلم الموصي بموته له نصف الثلث لأنه لم يرض له إلا به زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ أو المعدوم‏)‏ فلو أوصى لزيد ولمن كان في هذا البيت ولا أحد فيه كان الثلث لزيد، لأن المعدوم لا يستحق مالا وكذا لو أوصى له ولعقبه، ولأن العقب من يعقبه بعد موته فيكون معدوما في الحال درر وللشرنبلالي في مسألة الوصية للعقب كلام يأتي ما فيه في باب الوصية للأقارب ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو مات أحدهما‏)‏ أي أحد الموصى لهما ‏(‏قوله‏:‏ قبل الموصي‏)‏ أما بعده فالورثة تقوم مقامه فالمزاحمة موجودة ‏(‏قوله وفروعه كثيرة‏)‏ منها لو قال ثلث مالي لفلان وعبد الله إن كان عبد الله في هذا البيت، ولم يكن فيه كان لفلان نصف الثلث، لأن بطلان استحقاقه لفقد شرطه لا يوجب الزيادة في حق الآخر منح ‏(‏قوله‏:‏ ثم خرج لفقد شرط‏)‏ أي أو لزوال أهلية كما لو مات أحدهما قبل الموصي ‏(‏قوله‏:‏ ذكره الزيلعي‏)‏ أي جميع ما تقدم متنا وشرحا ‏(‏قوله‏:‏ وقيل العبرة‏)‏ أي في صحة الإيجاب ‏(‏قوله‏:‏ أو له‏)‏ أي لزيد ‏(‏قوله إلى آخره‏)‏ تمامه أو له ولفقراء ولده أو لمن افتقر من ولده، وفات شرطه عند موت الموصي فالثلث كله لزيد في هذه الصورة، لأن المعدوم أو الميت لا يستحق شيئا فلا تثبت المزاحمة لزيد فصار كما إذا أوصى لزيد ولجدار ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكن قول الزيلعي فيما مر‏)‏ أي في عبارة المتن ولا محل للاستدراك بعد قول المصنف‏:‏ وقيل إلخ فإنه مسوق لبيان المخالفة بينه وبين ما مر فتدبر‏.‏ ثم اعلم أن تعبير المصنف بقوله وقيل‏:‏ أخذا من إشارة الدرر والكافي مبني على ما فهمه من مخالفته لما قدمه مع أنه لا مخالفة‏.‏ بيان ذلك ما ذكره في التتارخانية من الفصل السادس‏:‏ أن الأصل أن الموصى له إذا كان معينا من أهل الاستحقاق، تعتبر صحة الإيجاب يوم الوصية، ومتى كان غير معين تعتبر صحة الإيجاب يوم موت الموصي فلو قال‏:‏ ثلث مالي لفلان ولولد بكر فمات ولده قبل الموصي فلفلان كل الثلث، وإن ولد لبكر عشرة أولاد ثم مات الموصي، فالثلث بين فلان وبين الأولاد على عددهم أحد عشر سهما، اعتبارا ليوم موت الموصي، لأن الولد غير معين، وهو يتناول الواحد والأكثر، وكذا إذا أوصى لبني فلان وليس له ابن يوم الوصية ثم حدث له بنون ومات الموصي، فالثلث لهم وإن كان له بنون يوم الوصية، ولم يسمهم ولم يشر إليهم فالثلث للموجودين عند موته ولو كانوا غير الموجودين وقت الوصية وإن سماهم أو أشار إليهم فالوصية لهم حتى لو ماتوا بطلت لأن الموصى له معين فتعتبر صحة الإيجاب يوم الوصية ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وبه ظهر أن ما في الدرر من اعتبار يوم الموت لصحة الإيجاب إنما هو لكون الموصى له غير معين؛ لأن قوله ولد بكر أو فقراء ولده أو من افتقر غير معين إذ لا تسمية، ولا إشارة وإذا كان المعتبر يوم الموت في ذلك وفات الشرط عنده بأن كان الولد ميتا أو غنيا فقد خرج المزاحم من الأصل، فلذا كان جميع الثلث لزيد، وظهر أيضا أن كلام الزيلعي ليس صريحا في اعتبار حالة الإيجاب مطلقا لأن كلامه في المعين فتدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن كلمة بين توجب التنصيف‏)‏ الظاهر أن هذا إذا دخلت على مفردين كما هنا أما لو دخلت على ثلاثة كقوله بين زيد وعمر وبكر فإنها توجب القسمة على عددهم تأمل، وعلى هذا فإذا قال بين زيد، وسكت فإنها تنصف، لأن أقل الشركة بين اثنين ولا نهاية لما فوقهما‏.‏ وأما إذا دخلت على جمعين ففي المعراج لو قال‏:‏ بين بني زيد وبين بني بكر وليس لأحدهما بنون، فكل الثلث لبني الآخر لأنه جعل كل الثلث مشتركا بين بني زيد حتى لو اقتصر عليه كان الثلث بينهم، فإذا لم تثبت المزاحمة كان كل الثلث بينهم، وقوله بين بني فلان وفلان كما مر ا هـ‏.‏ أي لا فرق بين تكرار بين وعدمه ‏(‏قوله وهو فقير‏)‏ الأولى حذفه ليتأتى الإطلاق الآتي ط ‏(‏قوله‏:‏ لما تقرر أن الوصية إيجاب إلخ‏)‏ أي عقد تمليك بعد الموت، ولهذا يعتبر القبول والرد بعد الموت، ويثبت حكمه بعده ‏(‏قوله‏:‏ أما إذا أوصى إلخ‏)‏‏.‏ حاصله‏:‏ أن ما مر من عدم التفصيل إنما هو شائع في كل المال ليس عينا، ولا نوعا وأما غيره ففيه تفصيل فإن كان عينا كثلث غنمي وله غنم يعتبر فيه الموجود وقت الوصية، لأنه معين بالإضافة العهدية، لأنها تأتي لما تأتي له الألف واللام، وإن كان نوعا كثلث غنمي، ولا غنم له فهو كالشائع في كل المال يعتبر فيه الموجود عند الموت لأنه ليس عينا، حتى تتقيد به الوصية لعدم العهدية هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وليس له غنم‏)‏ أو كان وهلك معراج وإن كان في ماله شاة يخير الورثة بين دفعها أو دفع قيمتها نهاية ‏(‏قوله يعطى قيمة الشاة‏)‏ أي شاة وسط معراج ‏(‏قوله‏:‏ بخلاف قوله إلخ‏)‏ الفرق أنه في الأولى‏:‏ لما أضاف الشاة إلى المال علمنا أن مراده الوصية بمالية الشاة، وماليتها توجد في مطلق المال، وفي الثانية‏:‏ لما أضافها إلى الغنم علمنا أن المراد به عين الشاة، حيث جعلها جزءا من الغنم زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ يعني لا شاة له‏)‏ تبع ابن الكمال حيث عبر به مخالفا لما في الهداية وغيرها، وقال‏:‏ إنما قال ولا شاة له، ولم يقل ولا غنم له كما قال صاحب الهداية، لأن الشاة فرد من الغنم، فإذا لم يكن له شاة لا يكون له غنم بدون العكس، والشرط عدم الجنس لا عدم الجمع حتى لو وجد الفرد تصح الوصية ا هـ‏.‏ وفيه رد على صدر الشريعة حيث قال‏:‏ تبطل الوصية أيضا بوجود شاة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفيه نظر فإن الموصي قال شاة من غنمي بلفظ الجمع ومن لا شاة له أصلا أو له شاة واحدة يكون لا غنم له فبطلت الوصية في الصورتين إذ لم يوجد الجمع فيهما، فظهر أن شرط البطلان عدم الجمع لا عدم الجنس، وعن هذا قال صدر الشريعة عبارة الهداية أشمل لدلالتها على بطلان الوصية في الصورتين ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو لم يضفها لماله‏)‏ جزم به مع أنه في الهداية والتبيين والمنح، قالوا قيل لا تصح، لأن المصحح إضافتها إلى المال، وبدونها تعتبر صورة للشاة ومعناها وقيل تصح، لأنه لما ذكر الشاة وليس في ملكه شاة علم أن مراده المالية ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله وأقله اثنان‏)‏ أي في الميراث، والوصية أخته ابن كمال ‏(‏قوله‏:‏ تبطل الجمعية‏)‏ حتى لو أتى به منكرا قلنا كما قال محمد زيلعي‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

هذه الوصية تكون لأمهات أولاده اللاتي يعتقن بموته أو اللاتي عتقن في حياته إن لم يكن له غيرهن فإن كان له منهما، فالوصية للاتي يعتقن بموته، لأن الاسم لهن في العرف واللاتي عتقن في حياته موال لا أمهات أولاد، وإنما تصرف إليهن الوصية عند عدم أولئك لعدم من يكون أولى منهن بهذا الاسم وتمامه في الزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وأنصافا عند أبي يوسف‏)‏ لأن الفقراء والمساكين صنف واحد من حيث المعنى؛ إذ كل واحد منهما ينبئ عن الحاجة اختيار، لكن قول أبي يوسف في المسألة السابقة كقول الإمام فيحتاج إلى الفرق هنا تأمل

‏(‏قوله‏:‏ على ما مر‏)‏ أي من اعتبار أقل الجمع ‏(‏قوله‏:‏ جاز‏)‏ لكن الأفضل الصرف إليهم خلاصة ‏(‏قوله‏:‏ لتساوي نصيبهما‏)‏ لأن الشركة للمساواة لغة ولهذا حمل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فهم شركاء في الثلث‏}‏ على المساواة زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ لتفاوت نصيبهما‏)‏ فلا تمكن المساواة بين الكل فحملناه على مساواة الثالث مع كل واحد منهما بما سماه له فيأخذ النصف من كل واحد من المالين ولو أوصى لزيد بأمة ولبكر بأخرى، ثم قال لآخر أشركتك معهما، فإن تفاوتا قيمة فله نصف كل إجماعا وكذا إن تساويا عنده وثلث كل عندهما بناء على قسمة الرقيق وعدمها زيلعي ملخصا ‏(‏قوله‏:‏ لما ذكرنا‏)‏ أي من إمكان المساواة ط

‏(‏قوله‏:‏ فصدقوه‏)‏ فعل أمر ‏(‏قوله‏:‏ استحسانا‏)‏ وفي القياس‏:‏ لا يصدق، لأن الإقرار بالمجهول، وإن كان صحيحا ولكنه لا يحكم به إلا بالبيان وقوله‏:‏ فصدقوه صدر مخالفا للشرع، لأن المدعي لا يصدق إلا بحجة وجه الاستحسان أن أصل الحق دين ومقداره يثبت بطريق الوصية ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ لأنه خلاف الشرع‏)‏ تعليل لما استفيد من قوله‏:‏ بخلاف من أنه باطل ط، ولا يأتي وجه الاستحسان هنا لجهالة الموصى له ‏(‏قوله‏:‏ ويصير وصية‏)‏ لأنه فوضه إلى رأي الموصي، أفاده المصنف وفيه إشارة إلى أن الوصية المفوضة تصح وإن جهل صاحبها، وقدمناه أول الكتاب ‏(‏قوله‏:‏ فإن سبق منه دعوى‏)‏ أي في حياة المقر ط ‏(‏قوله‏:‏ فهو له‏)‏ ويكون إقرارا منه بما ادعاه ط‏:‏ أي فيكون من جميع المال، وأما قول ح‏:‏ إنه من الثلث فمبني على أن الدعوى بعد موت المقر وفيه نظر ولذا قال ط‏:‏ وتأويل ادعى بيدعي خلاف المتبادر من اللفظ بخلاف الأولى، فإنه قد أثبت عليه دينا وفوض تقديره إلى الورثة ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي لا شيء له وهذا التفصيل لأبي الليث، وذكر أنه لا رواية في المسألة أفاده في الكفاية ‏(‏قوله‏:‏ عزل الثلث إلخ‏)‏ لأن الوصايا حقوق معلومة في الثلث والميراث معلوم في الثلثين وهذا ليس بدين معلوم، ولا وصية معلومة فلا يزاحم المعلوم فقدمنا عزل المعلوم زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ ما بقي من الثلث فللوصايا‏)‏ اقتصاره في المتن على ذلك غير موف بالمراد، فكان عليه ذكر التفصيل الذي ذكره الشارح بقوله‏:‏ فيؤخذ إلخ كما فعل في المنتقى والدرر والإصلاح ‏(‏قوله والدين إلخ‏)‏ جواب سؤال‏:‏ هو أن هذا إقرار بدين والدين مقدم على حق الورثة، وحق أصحاب الوصايا فلم قدم العزل لهما عليه‏؟‏ ‏(‏قوله‏:‏ ما ذكر‏)‏ أي من تصديق الفريقين ‏(‏قوله فيؤخذ الورثة بثلثي ما أقروا به إلخ‏)‏ لأنه إذا أقر كل فريق بسهم ظهر أن في التركة دينا شائعا في النصيبين، فيؤخذ الدين منهم بحساب ما في أيديهم من التركة عيني وغيره ‏(‏قوله‏:‏ وما بقي فلهم‏)‏ أي ما بقي من الثلث فلأصحاب الوصايا، وما بقي من الثلثين، فللورثة حتى لو قال الموصي لهم الدين مائة يعطى المقر له ثلثها مما في أيديهم فإن فضل شيء فلهم، وإن قال الورثة‏:‏ الدين ثلاثمائة يعطى المقر له مائتين مما في أيديهم، فإن فضل شيء فلهم، وإلا فلا أتقاني ‏(‏قوله‏:‏ على العلم‏)‏ أي بأنهم لا يعلمون أن له أكثر من ذلك قال الزيلعي‏:‏ لأنه تحليف على فعل الغير ا هـ‏.‏ أي على ما جرى بين المدعي والميت لا على فعل نفسه فلا يحلف على البتات ‏(‏قوله‏:‏ قلت بقي إلخ‏)‏ منشأ ذلك أن قول المصنف كغيره عزل الثلث لأصحاب الوصايا ظاهر في أن الوصايا استغرقت الثلث، وبه صرح الزيلعي، وابن الكمال كما يأتي في الإشكال، فلم يعلم منه حكم ما إذا كانت دونه، نعم يفهم منه أنه يعزل بقدرها بقي إذا عزل منه بقدر الوصايا فقط وقيل‏:‏ لكل من أصحابها والورثة صدقوه فيما شئتم، فكم يؤخذ من كل فريق منهم وذكر ط أن قياس ما ذكروه في المسألة السابقة أن ينظر إلى ما في يد كل فيكون ما صدقوه فيه لازما على قدر الحصص ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وبقي أيضا أن ما يؤخذ من أصحاب الوصايا هل يرجعون به في ثلث التركة تكميلا لوصاياهم بناء على أن ما أخذه المقر له دين ثبت شائعا في التركة بعد إقرار الفريقين كما مر عن العيني، وقد بقي من الثلث ما يكمل وصاياهم، بخلاف المسألة السابقة لأن الوصايا قد استغرقت الثلث فيها أم لا يرجعون به لأن ما يأخذه المقر له وصية في حقهم كما صرح به الأتقاني في المسألة السابقة لم أر فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبقي أيضا هل يلزمهم‏)‏ الأولى أن يقول كيف يلزمهم وهو استشكال لإلزام الورثة بتصديقه بعد عزلهم الثلث للوصايا، وقوله يراجع ابن الكمال به إنما قال به أي بسبب ما توقف فيه الشارح، لأن ما ذكره ابن الكمال على المسألة السابقة، لكن يفهم منه جواب ما توقف فيه الشارح كما قررناه فافهم، وعبارة ابن الكمال‏:‏ قيل هذا مشكل من حيث إن الورثة كانوا يصدقونه إلى الثلث ولا يلزمهم أن يصدقوه في أكثر من الثلث وهنا ألزمهم أن يصدقوه في أكثر من الثلث، لأن أصحاب الوصايا أخذوا الثلث على تقدير أن تكون الوصايا تستغرق الثلث كله ولم يبق في أيديهم من الثلث شيء، فوجب أن لا يلزمهم تصديقه ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ من حيث إن الورثة كانوا إلخ أي في مسألة ما إذا لم يوص بوصايا مع الإقرار، وقوله‏:‏ وهنا أي فيما إذا أوصى بوصايا مع ذلك، وأصل الإشكال للإمام الزيلعي‏.‏ وأجاب عنه العلامة المقدسي‏:‏ بأنه لما كان المقر به له شبهان شبه الوصية لخروجها مخرجها وشبه الدين لتسميته إياه دينا فهو دين في الصورة ووصية في المعنى فروعي شبه الوصية حين لا وصية، وروعي شبه الدين حين وجود الوصية، لأن التنصيص عليه معها دليل المغايرة فصدق فيما زاد على الثلث مع مراعاة جانب الورثة، والموصى له حيث علق بمشيئتهم تعويلا على علمهم في ذلك، واجتهادهم في تخليص ذمة مورثهم ا هـ‏.‏ وأجاب العلامة قاضي زاده بجواب رده الشرنبلالي، وأجاب عن الإشكال بجواب آخر قريب من جواب المقدسي فراجعهما من حاشية ح

‏(‏قوله‏:‏ على ما مر‏)‏ أي من الأصل السابق ‏(‏قوله‏:‏ لأنه إقرار بعقد سابق بينهما إلخ‏)‏ لم أر من علل بذلك، وفيه نظر لأن الإقرار لا يقتضي سبق عقد بين المقر والمقر له، وإنما يقتضي سبق الملك للمقر له، وإنما العلة ما في شرح الجامع الصغير لقاضي خان، حيث قال‏:‏ والفرق أي بين الإقرار والوصية أن الإقرار إخبار، فلو صح إقراره للأجنبي ثبت المخبر به، وهو الدين المشترك؛ لأنه أقر بدين مشترك فثبت كذلك فما من شيء يأخذه الأجنبي إلا وللوارث حق المشاركة فيه، فيصير إقرارا للوارث، أما الوصية فتمليك مبتدأ لهما فبطلان التمليك لأحدهما لا يبطل التمليك للآخر ا هـ‏.‏ ونحوه في الهداية والزيلعي

‏(‏قوله‏:‏ لثلاثة أنفس إلخ‏)‏ بأن قال لزيد الجيد، ولعمرو الوسط، ولبكر الرديء أتقاني ‏(‏قوله‏:‏ فضاع منها ثوب‏)‏ أي بعد موت الموصي ط عن الشلبي ‏(‏قوله‏:‏ والوارث يقول لكل منهم هلك حقك‏)‏ أي يحتمل أن الهالك هو حقك ففي التعبير مسامحة وإلا فهلاك حق كل إنما يتصور فيما لو ضاعت الثلاثة، وإلا فهو كذب، والأولى في التعبير ما في شروح الجامع الصغير من أن المراد بجحود الوارث أن يقول‏:‏ حق واحد منكم بطل، ولا أدري من بطل حقه ومن بقي فلا نسلم إليكم شيئا أفاده الطوري ‏(‏قوله‏:‏ كوصية إلخ‏)‏ البطلان فيها قول الإمام كما يأتي قبيل وصايا الذمي ‏(‏قوله‏:‏ ويسلموا‏)‏ أي الورثة وهو من عطف المسبب على السبب ط ‏(‏قوله‏:‏ لزوال المانع‏)‏ أي المانع من التسليم لا الصحة لأن المانع منها الجهالة وهي باقية تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وهو الجحود‏)‏ أي جحود الورثة بقاء حق كل ‏(‏قوله‏:‏ فتقسم لذي الجيد إلخ‏)‏ أي الجيد في نفس الأمر، وقوله ثلثاه أي ثلثا الجيد من الثوبين الباقيين، ففيه شبه استخدام وكذا فيما بعده أفاده ط‏.‏ ووجه هذه القسمة أن ذا الوسط حقه في الجيد من الباقين إن كان الهالك أرفع منهما وإن كان أردأ منهما فحقه في الرديء منهما فتعلق حقه مرة بهذا ومرة بالآخر؛ وإن كان الهالك هو الوسط فلا حق له فيهما، فقد تعلق حقه بكل واحد من الباقين في حال، ولم يتعلق في حالين فيأخذ ثلث كل منهما وذو الجيد يدعي الجيد منهما لا الرديء؛ إذ لا حق له فيه قطعا، وذو الرديء يدعي الرديء لا الجيد فيسلم ثلث الجيد لذي الجيد وثلثا الرديء لذي الرديء ا هـ‏.‏ من شرح الجامع الخاني

‏(‏قوله‏:‏ وقسم‏)‏ أي بين الحي وورثة الميت قاضي خان والأصوب أن يقول، وقسمت كما عبر ابن الكمال وغيره لأن الضمير للدار ‏(‏قوله‏:‏ ووقع‏)‏ أي البيت في حظ أي حظ الميت ‏(‏قوله‏:‏ فهو للموصى له‏)‏ أي عندهما وعند محمد نصفه للموصى له، وإن وقع في نصيب الآخر فله مثل ذرع نصف البيت، ودليل كل مع بيان كيفية القسمة بسطه الزيلعي وحققه الأتقاني وسعدي ‏(‏قوله‏:‏ لكان أولى‏)‏ لأن الإخبار في كلام الفقهاء للوجوب

‏(‏قوله‏:‏ والإقرار‏)‏ لو قال كالإقرار وحذف قوله‏:‏ مثلها كما عبر في الدرر والإصلاح لكان أولى لأن الأصح كما في الشرنبلالية عن الكافي أن هذه المسألة وفاقية، فناسب أن تشبه بها الخلافية كما هو العادة لا بالعكس ‏(‏قوله‏:‏ وبألف عين‏)‏ بأن قال أوصيت بهذا الألف لفلان، والتقييد بكونه وديعة لم أره لغيره، وقوله من مال آخر‏:‏ أي رجل آخر صفة ألف، ومفهومه أنه إذا لم يعين الألف بأن قال‏:‏ أوصيت بألف من مال زيد لم تصح أصلا وإن أجاز زيد ودفع وليحرر نقلا ‏(‏قوله‏:‏ ودفعه إليه‏)‏ أي دفع الألف إلى الموصى له، لأن إجازته تبرع أي بمنزلة الهبة والهبة لا تتم بدون تسليم فإن دفع تمت الهبة وإلا فلا شرح الجامع وغيره ‏(‏قوله‏:‏ فلا رجوع له‏)‏ لعله لكونه ليس هبة من كل وجه كما أفاده ما نقلناه آنفا، لأن عقد الوصية صحيح موقوف على الإجازة؛ إذ لو كان باطلا لم ينفذ بها ويدل عليه ما في الولوالجية أوصى له بعبد فلان ثم ملكه تبقى الوصية ا هـ‏.‏ لكن ذكر الزيلعي أنها لا تبقى تأمل ‏(‏قوله‏:‏ بل يجبروا‏)‏ صوابه يجبرون ‏(‏قوله‏:‏ لما تقرر إلخ‏)‏ بيان للفرق‏.‏ وحاصله‏:‏ أن الوصية هنا في مخرجها صحيحة لمصادفتها ملك نفسه، والتوقف كان لحق الورثة فإذا أجازوا سقط حقهم فنفذ من جهة الموصي درر ‏(‏قوله‏:‏ يتملكه من قبل الموصي عندنا‏)‏ فيجبر الوارث على التسليم ولو أعتق عبدا في مرضه، ولا مال له غيره، وأجازت الورثة العتق فالولاء كله للميت ولو كان الوارث متزوجا بجارية المورث، ولا مال له غيرها فأوصى بها لغيره فأجاز الوارث وهو الزوج الوصية لا يبطل نكاحه، وتمامه في الزيلعي أول الوصايا

‏(‏قوله‏:‏ ولو أقر أحد الابنين‏)‏ وكذا الحكم لو أقر أحد البنين الثلاثة أو الأربعة يصح في ثلث نصيبه كما في المجمع ‏(‏قوله‏:‏ بعد القسمة‏)‏ مفهومه أن الإقرار قبلها لا يصح تأمل ‏(‏قوله‏:‏ صح إقراره إلخ‏)‏ هذا إذا لم تقم بينة على الوصية بثلث لرجل آخر، فلو قامت فلا شيء لهذا على المقر وبطل الإقرار كما نقله الطوري عن المبسوط ‏(‏قوله‏:‏ استحسانا‏)‏ والقياس أن يعطيه نصف ما في يده، وهو قول زفر وتمامه في الزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ حيث يلزمه كله‏)‏ يعني‏:‏ إن وفى ما ورثه به ولو شهد في هذا المقر مع آخر أن الدين كان على الميت قبلت كما تقدم في كتاب الإقرار، قبيل باب الاستثناء ‏(‏قوله‏:‏ لتقدم الدين على الميراث‏)‏ فيكون مقرا بتقدمه عليه، ولا كذلك الوصية؛ لأن الموصى له شريك الورثة فلا يأخذ شيئا إلا إذا سلم للوارث ضعفه زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وبأمة‏)‏ أي ولو أوصى بأمة ‏(‏قوله‏:‏ فهما للموصى له‏)‏ لأن الأم دخلت أصالة، والولد تبعا حين كان متصلا بها زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وقالا يأخذ منهما على السواء‏)‏ فإذا كان له ستمائة درهم، وأمة تساوي ثلاثمائة، فولدت ولدا يساوي ثلاثمائة قبل القسمة فللموصى له الأم وثلث الولد عنده وعندهما له ثلثا كل واحد منهما ابن كمال ‏(‏قوله‏:‏ هذا‏)‏ أي دخول الحمل في الوصية تبعا معراج ‏(‏قوله‏:‏ على ما ذكره القدوري‏)‏ ومشايخنا قالوا‏:‏ يصير موصى به حتى يعتبر خروجه من الثلث كما إذا ولدته قبل القبول زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ والكسب كالولد فيما ذكر‏)‏ قال في الهندية‏:‏ والزيادة الحادثة من الموصى له كالغلة والكسب والأرش بعد موت الموصي، قبل قبول الموصى له الوصية، هل يصير موصى به لم يذكره محمد وذكر القدوري أنه لا يصير موصى بها حتى كانت للموصى له من جميع المال كما لو حدثت بعد القسمة وقال مشايخنا يصير موصى به حتى يعتبر خروجه من الثلث كذا في محيط السرخسي ا هـ‏.‏ ط والله - تعالى - أعلم‏.‏

باب العتق في المرض

هو من أنواع الوصية لكن لما كان له أحكام مخصوصة أفرده في باب على حدة، وأخره عن صريح الوصية لأن الصريح هو الأصل عناية ‏(‏قوله‏:‏ منجز‏)‏ احتراز عن المضاف الآتي بيانه فالعبرة فيه لحال الإضافة ‏(‏قوله‏:‏ في الحال‏)‏ أي حال صدوره ط ‏(‏قوله‏:‏ وإلا فمن ثلثه‏)‏ استثنى في الأشباه التبرع بالمنافع، كسكنى الدار قال فإنه نافذ من كل المال، وتمامه فيها وفي حواشيها ‏(‏قوله‏:‏ والمراد‏)‏ أي من التصرف المذكور ‏(‏قوله‏:‏ حتى إن الإقرار إلخ‏)‏ أي لغير الوارث وهو محترز قوله‏:‏ إنشاء فإن الإقرار إخبار ‏(‏قوله‏:‏ والنكاح إلخ‏)‏ محترز قوله فيه معنى التبرع، فإن النكاح بقدر مهر المثل لا تبرع فيه لأن البضع متقوم حال الدخول، وقيمته مهر المثل، فإن قوبل به كان معارضة لا تبرعا، والزائد عليه محاباة وهي من قبيل الوصية لأنها إنشاء فيه معنى التبرع وكذا بدل الخلع، لأن البضع حال الخروج غير متقوم، فما جعل في مقابلته تبرع قليلا كان أو كثيرا رحمتي ‏(‏قوله‏:‏ وإن كان في الصحة‏)‏ إن وصلية لأن التصرف المضاف إلى الموت المعتبر فيه حالة الموت كما في الدرر ‏(‏قوله‏:‏ ومرض صح منه كالصحة‏)‏ كذا ذكرت هذه المسألة في هذا المحل في عامة المعتبرات كالملتقى والإصلاح وغيرهما، والأولى ذكرها قبل قوله ‏"‏ والمضاف ‏"‏ لأنه لا فرق فيه بين الصحة والمرض تأمل،‏.‏ قال القهستاني‏:‏ فلو أوصى بشيء صارت باطلة لأنه ظهر بالصحة أنه لا يتعلق بماله حق أحد، وهذا إذا قيد بالمرض بأن قال إن مت من مرضي هذا‏.‏ وأما إذا أطلق ثم صح فباقية، وإن عاش بعد ذلك سنين كما في التتمة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي المرض المعتبر‏)‏ بجر المعتبر صفة للمرض‏:‏ أي المعتبر لنفوذ التصرف الإنشائي من الثلث، وهو متعلق بمحذوف تقديره والحد في المرض المعتبر هو المبيح لصلاته قاعدا، وقد قدم الكلام على هذا أول كتاب الوصايا بأبسط مما هنا ط ‏(‏قوله‏:‏ ومحاباته‏)‏ أي في الإجارة والاستئجار والمهر والشراء والبيع، بأن باع مريض مثلا من أجنبي ما يساوي مائة بخمسين كما في النتف قهستاني أي‏:‏ أو يشتري ما يساوي خمسين بمائة، فالزائد على قيمة المثل في الشراء والناقص في البيع محاباة‏:‏ أي مسامحة، من حبوته حباء ككتاب‏:‏ أعطيته الشيء من غير عوض ا هـ‏.‏ ط عن المصباح، وقيد المحاباة في البزازية وغيرها بما لا يتغابن فيه‏.‏ قلت‏:‏ وفي آخر إجارات الوهبانية‏:‏ وإيجار ذي ضعف من الكل جائز ولو أن أجر المثل من ذاك أكثر قال الشرنبلالي في شرحه‏:‏ صورتها مريض آجر داره بأقل من أجرة المثل قالوا‏:‏ جازت الإجارة من جميع ماله، ولا تعتبر من الثلث؛ لأنه لو أعارها، وهو مريض جازت فالإجارة بأقل من أجر المثل أولى‏:‏ قال الطرسوسي‏:‏ وهذه المسألة خالفت القاعدة، فإن الأصل أن المنافع تجري مجرى الأعيان، وفي البيع يعتبر من الثلث اعتبارا للفرع بالأصل‏.‏ والفرق أن البيع عقد لازم يتعلق بعين المال، وقد تعلق به حق الورثة والغرماء، والإجارة تتعلق بالنفقة وتنفسخ بالموت فلا يتصور التعلق بعده ا هـ‏.‏ فتنبه ولعلهما روايتان كما سيذكره الشارح في الفروع آخر الوصايا ‏(‏قوله‏:‏ وهبته‏)‏ أي إذا اتصل بها القبض قبل موته، أما إذا مات ولم يقبض فتبطل الوصية لأن هبة المريض هبة حقيقية وإن كانت وصية حكما كما صرح به قاضي خان وغيره ا هـ‏.‏ ط عن المكي ‏(‏قوله‏:‏ وضمانه‏)‏ هو أعم من الكفالة، فإن منه ما لا يكون كفالة بأن قال أجنبي خالع امرأتك على ألف على أني ضامن أو قال بع عبدك هذا على أني ضامن لكن بخمسمائة من الثمن سوى الألف فإن بدل الخلع يكون على الأجنبي لا على المرأة والخمسمائة على الضامن دون المشتري عناية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في البزازية‏:‏ وكفالته على ثلاثة أوجه‏:‏ في وجه كدين الصحة بأن كفل في الصحة معلقا بسبب ووجد السبب في المرض بأن قال ما ذاب لك على فلان فعلي‏.‏ وفي وجه كدين المرض بأن أخبر في المرض بأني كفلت فلانا في الصحة لا يصدق في حق غرماء الصحة والمكفول له مع غرماء المرض، وفي الأول مع غرماء الصحة، وفي وجه كسائر الوصايا بأن أنشأ الكفالة في مرض الموت ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حكمه كحكم وصية‏)‏ أي من حيث الاعتبار من الثلث لا حقيقة الوصية لأن الوصية إيجاب بعد الموت، وهذه التصرفات منجزة في الحال زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وليحرر‏)‏ تحريره أنه لا ينافي ما هنا لأن المستغرق بالدين لا ثلث له رحمتي ‏(‏قوله‏:‏ ويزاحم أصحاب الوصايا في الضرب‏)‏ أي العبد المعتق والمحابى‏.‏ والموهوب له والمضمون له يضرب في الثلث مع أصحاب الوصايا، فإن وفى الثلث بالجميع، وإلا تحاصصوا فيه، ويعتبر في القسمة قدر ما لكل من الثلث هذا ما ظهر لي ا هـ‏.‏ ط أقول‏:‏ وقال العلامة الأتقاني‏:‏ والمراد من ضربهم بالثلث مع أصحاب الوصايا أنهم يستحقون الثلث لا غير، وليس المراد أنهم يساوون أصحاب الوصايا في الثلث ويحاصصونهم لأن العتق المنفذ في المرض مقدم على الوصية بالمال في الثلث، بخلاف ما إذا أوصى بعتق عبده بعد موته أو قال هو حر بعد موتي بيوم أو شهر فإنه كسائر الوصايا ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ وكالعتق المنفذ المحاباة المنجزة كما مر عند قول المصنف‏:‏ وإذا اجتمع الوصايا ويأتي قريبا ‏(‏قوله‏:‏ وإن أجيز عتقه‏)‏ أي إذا ضاق الثلث، ولو كانت الإجازة قبل موت الموصي كما قدمناه أول الوصايا عن البزازية ‏(‏قوله‏:‏ لأن المنع‏)‏ أي من تنفيذه من كل المال والأولى لأن السعي تأمل ‏(‏قوله‏:‏ فإن حابى فحرر إلخ‏)‏ صورة الأولى‏:‏ باع عبدا قيمته مائتان بمائة ثم أعتق عبدا قيمته مائة ولا مال له سواهما يصرف الثلث إلى المحاباة ويسعى المعتق في كل قيمته‏.‏ وصورة العكس‏:‏ أعتق الذي قيمته مائة ثم باع الذي قيمته مائتان بمائة يقسم الثلث، وهو المائة بينهما نصفين، فالمعتق يعتق نصفه مجانا، ويسعى في نصف قيمته، وصاحب المحاباة يأخذ العبد الآخر بمائة وخمسين ابن كمال‏.‏ والأصل في هذا أن الوصايا إذا لم يكن فيها ما جاوز الثلث فكل واحد من أصحابها يضرب بجميع وصيته في الثلث لا يقدم البعض على البعض، إلا العتق الموقع في المرض، والعتق المعلق بالموت كالتدبير الصحيح سواء كان مطلقا أو مقيدا، والمحاباة في المرض وتمامه في الزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وقالا عتقه أولى فيهما‏)‏ أي في المسألتين لأنه لا يلحقه الفسخ‏.‏ وله أن المحاباة أقوى لأنها في ضمن عقد المعاوضة، لكن إن وجد العتق أولا وهو لا يحتمل الدفع يزاحم المحاباة ابن كمال‏.‏ وقول الزيلعي والمصنف في المنح‏.‏ وقالا‏:‏ هما سواء في المسألتين سبق قلم، والصواب ما هنا كما نبه عليه الشلبي ‏(‏قوله‏:‏ بهذه المائة‏)‏ أي المعينة، وإنما قيد بذلك حتى يتصور هلاك بعضها‏.‏ فلو قال بمائة وزادت على الثلث تبطل أيضا كما مر متنا ‏(‏قوله‏:‏ لأن القربة تتفاوت إلخ‏)‏ لا يظهر بهذا التعليل الفرق بين العتق والحج، فالمناسب قول الزيلعي‏:‏ وله أنه وصية بالعتق بعبد يشترى بمائة من ماله، وتنفيذها فيمن يشترى بأقل منه تنفيذ في غير الموصى به وذلك لا يجوز، بخلاف الوصية بالحج لأنها قربة محضة هي حق الله - تعالى - والمستحق لم يستبدل، وصار كما إذا أوصى لرجل بمائة فهلك بعضها يدفع إليه الباقي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن فدى لا‏)‏ فإن لم يوجد الدفع والفداء وأعتقه الوصي، فإن عالما بالجناية لزمه تمام الأرش، وإلا فالقيمة، ولا يرجع لأن الوصية بعتق عبد غير جان فقد خالف سائحاني

‏(‏قوله‏:‏ ولو أوصى بثلثه إلخ‏)‏ معناه ترك عبدا ومالا ووارثا، والعبد مقدار ثلث ماله وبه صرح قاضي خان معراج ‏(‏قوله‏:‏ لينفذ من كل المال‏)‏ فكأنه يقول‏:‏ لم يقع العتق وصية، ووصيتي بثلث ماله صحيحة فيما وراء العبد ‏(‏قوله‏:‏ ويقدم على بكر‏)‏ لأنه إذا وقع في المرض وقع وصية، وقيمة العبد ثلث المال فلم يكن للموصى له بالثلث شيء، لأن الوصية بالعتق مقدمة بالاتفاق معراج ‏(‏قوله‏:‏ ولا شيء لزيد‏)‏ لما علمته من تقديم العتق‏.‏ وأما قول المصنف فيما مر ويزاحم أصحاب الوصايا فقد علمت المراد منه فافهم ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يفضل إلخ‏)‏ أي إلا أن يكون ثلث المال زائدا على قيمة العبد فتنفذ الوصية لزيد فيما زاد على القيمة منح ‏(‏قوله‏:‏ من قيمة العبد‏)‏ كذا عبر الزيلعي‏.‏ وعبارة الدرر‏:‏ على قيمة العبد وهي أولى، وإن أمكن جعل من بمعنى على كما قال الأخفش والكوفيون في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونصرناه من القوم‏}‏ أفاده ط عن المكي ‏(‏قوله‏:‏ فإن الموصى له خصم إلخ‏)‏ جواب عن إشكال، وهو أن الدعوى في العتق شرط لإقامة البينة عنده، وكيف تصح إقامتها من غير خصم‏؟‏ فقال‏:‏ هو خصم في إثبات حقه لأنه مضطر إلى إقامتها على حرية العبد ليفرغ الثلث عن الاشتغال بحق الغير معراج ‏(‏قوله‏:‏ وكذا العبد‏)‏ أي خصم أيضا لأن العتق حقه‏.‏ أقول‏:‏ والمراد أنه خصم في غير هذه الصورة؛ لأن الوارث مقر بعتقه هنا أو فيما إذا زادت قيمته على الثلث فهو خصم في إثبات عتقه في الصحة تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقالا‏:‏ يعتق ولا يسعى إلخ‏)‏ لأن الدين والعتق في الصحة ظهرا معا بتصديق الوارث في كلام واحد فكأنهما وقعا معا والعتق في الصحة لا يوجب السعاية، وإن كان على المعتق دين‏.‏ وله أن الإقرار بالدين أولى من الإقرار بالعتق؛ ولهذا يعتبر إقراره في المرض بالدين من جميع المال وبالعتق من الثلث، والأقوى يدفع الأدنى إلا أنه بعد وقوعه لا يحتمل البطلان فيدفع من حيث المعنى بإيجاب السعاية عليه ابن كمال ‏(‏قوله‏:‏ وعلى هذا الخلاف‏)‏ كذا عبر في الهداية، والتعبير به ظاهر على ما قرره صاحب الهداية من ذكر الخلاف الآتي والشارح لم يتابعه بل مشى على عكسه، فالخلاف هنا حينئذ عكس الخلاف في المسألة الأولى فكان عليه ذكر المسألة مبتدأة بدون ذلك فافهم ‏(‏قوله‏:‏ نصفان‏)‏ لأن الوديعة لم تظهر إلا مع الدين فيستويان زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وقالا‏:‏ الوديعة أقوى‏)‏ لأنها تثبت في عين الألف، والدين يثبت في الذمة أولا ثم ينتقل إلى العين فكانت الوديعة أسبق وصاحبها أحق زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ والأصح ما ذكرنا‏)‏ وهو المذكور في عامة الكتب عناية‏.‏